نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عواصف… وأقزام! - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 02:35 صباحاً
2003-02-27
بين عاصفة الصحراء المقبلة وعاصفة الثلج الذاهبة سقطت الاقنعة وانكشفت هشاشة هذه الدولة الكرتونية سواء على الصعيد السياسي او الانمائي. اكدت لنا عاصفة الثلج خير تأكيد ان سياسة الحكومات السابقة وخصوصاً بعد 1990 لم تفعل شيئاً لتصحيح الخطأ المميت، بل الخطيئة التي ارتكبتها حكومات ما بعد الاستقلال في عدم تطبيق سياسة متوازنة لكل لبنان من أجل تطوير كل المناطق انمائياً وتربوياً واقتصادياً لالغاء الشعور بالغبن الذي أدى في السابق وسيؤدي الى نفث الحقد على الدولة ومؤسساتها وعاصمتها التي استفادت وحدها من الاموال.
ان ما حصل هذه الايام من مآسٍ ونكبات قد كشف كلياً افلاس سياسة حكومات ما بعد الطائف التي فاحت منها رائحة الفضائح والصفقات والعمولات والتي صرفت ما صرفته على العاصمة وحدها وكأن العاصمة تختزل الوطن، متناسيةً ان تطبيق الانماء المتوازن واللامركزية الادارية الموسعة لا يصب في خانة التقسيم كما كان يقال بل في خانة توحيد الوطن وتكريس المصالحة الوطنية الحقيقية.
عدد 2003-02-27.
قالوا: هناك توازن بين مسؤولية الدولة في ما حصل من مآسٍ جراء العاصفة ومسؤولية المواطنين الذين بنوا في مجاري الأنهر وفي الاملاك العامة وربما خارج اطار المعايير المطلوبة، ولهذا حصل ما حصل في الاحياء والقرى التي حاصرتها المياه او زحلت فيها الارض.
صحيح هذا الكلام وهو يصف حالة فوضى حقيقية كانت وما زالت قائمة في هذه المناطق. ولكن أليست الدولة هي المسؤول الاول عن مراقبة سلامة تطبيق القوانين لعدم استشراء الفوضى؟ فاللوم الاساسي هو على الدولة التي فشلت في تطبيق السياسة الانمائية والتي مارست سياسة النعامة بكامل وعيها وعلمها بهذه الفوضى الاعمارية واعطت الغطاء المطلوب لقوى الامر الواقع اللبنانية وغير اللبنانية التي كانت تتدخل لتوفير الحماية ولتسهيل هذه السياسة العمرانية الفاسدة وغير القانونية.
لقد اصبحت الدولة الشريك الاول في هذه الجريمة وخصوصاً انها لم تحاول مرة اعادة إحياء وزارة التصميم التي هي اساسية اذا اردنا ان يكون لنا سياسة انمائية اعمارية متكاملة متماسكة.
الدولة تنازلت عن دورها في المناطق لانها كانت ربما منشغلة بترتيب تركيب الصفقات وتوزيع العمولات حصصاً حصصاً على شركائها في الجريمة متناسية حاجات المناطق. ولا حاجة للتذكير بتقصير الدولة في الدفاع عن القطاع الزراعي والمزارعين سواء لجهة حمايتهم من العواصف “الطبيعية” او من اجتياحات البضائع الاجنبية التي لا تحتاج الى اي تأشيرة دخول لأن مفهوم الحدود غير موجود لديها.
اما اليوم، وبعدما حصلت الكارثة وفضحت أكثر فأكثر هشاشة الحكومة وافلاسها وركاكة العلاقات بين وزرائها، وبعدما عشنا مسلسلات القصف المتبادل بالتهم بين هذه الادارة وتلك، نتمنى ان لا تقع كارثة اخرى عند مسح الاضرار فتخرج حيتان الصفقات والعمولات لتبتلع المساعدات!
… اما عاصفة الصحراء المقبلة فقد بدأت رياحها تهب، وهكذا ضربت مرة ثانية سياسة لبنان الخارجية او بالاحرى لا سياسة لبنان الخارجية بعد فضيحة اجتماع وزراء الخارجية والازمة العابرة مع الكويت.
وها هو لبنان، وبسحر ساحر - كالعادة - يغيّر موقفه من انعقاد القمة العربية في موعدها حيث كان يطالب بتأجيلها دون اعطاء اي سبب مقنع متلطياً بما سمّاه المصلحة العربية العليا… واذا هو اليوم يوافق على انعقادها في موعدها دون اعطاء اي سبب مقنع للقرارين المتناقضين.
والله يستر ان لا يصدر قرار ثالث! اما الكلام على ان بعض العرب لا يريدون انعقاد القمة في موعدها حتى لا يكون مؤتمرهم “كارت بلانش” لاميركا، فمعناه ان كل من طالب بعقد القمة او كل من كان يطالب بان تنعقد استثنائياً قبل موعدها نظراً الى خطورة الاوضاع، اصبح بمنزلة العميل لاميركا.
امام هذا التحليل نقول ان عدم انعقاد القمة وعدم التدخل لمطالبة صدام حسين بالاستقالة او التنحي هو المؤامرة الكبرى وهو بالذات تنفيذ رغبات اميركا، لأن بقاء صدام حسين هو المبرر الكافي والاساسي لشن الحرب الاميركية على العراق!
على كل حال لا نريد هنا ان نسترسل في المطارحات العربية - العربية، ولكن ما نريده هو ان نقول: عيب سلوك هذه الحكومة في سياستها الخارجية التي برهنت ان لا سياسة خارجية للبنان، بل تبعية كلية وتنفيذ اعمى تام لسياسة سوريا الخارجية اذ اصبح لبنان حقل تجارب لبالونات يطلقها الآخرون على حسابنا فكان الاولى ان لا يتخذ لبنان اي قرار منتظراً الاتفاق العربي على انعقاد القمة، كي يوافق.
نقول هذا الكلام الصريح لأننا نعتبر ان وحدة الموقف والتنسيق بين لبنان وسوريا في السياسة الخارجية امران ضروريان ولكنهما يتطلبان ان يكون لنا اولاً سياسة وتصور وموقف خارجي خاص بنا نبحثه مع سوريا بغية التنسيق وتوزيع الادوار وصولاً الى الموقف الواحد.
ولكن اليوم لا موقف خاصاً بلبنان في سياسته الخارجية، ولا رأي، فهو يعتمد سياسة الاستقالة الذاتية دون ان نعرف اذا كانت هذه السياسة وقائية أو مطلوبة ومفروضة من الخارج! على كل حال، هذه السياسة هي على صورة هذه الحكومة: جسم ميّت برسم الدفن مع وقف التنفيذ! واذا استمرت الدولة في اعتماد “نمط سياسي” كهذا فكونوا اكيدين ان مستقبل لبنان، اذا هبّت عاصفة الصحراء وانعقدت بعدها طاولة مستديرة دولية اقليمية، لن تقرره الدولة اللبنانية بل سيقرره الآخرون… ولنأملْ ان لا يكون القرار على حسابنا! فهل هذا هو ما تطمح اليه الدولة وما تطمح اليه سوريا على مستوى العلاقات المستقبلية بينها وبين لبنان قوي، سيد، مستقلٍ يستفيد هو وتستفيد هي من قوته؟ ألم يصبح معلوماً بعد ان ضعف لبنان يُضعف المنطقة بكاملها؟ فمن المسؤول يا تُرى؟





0 تعليق