نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البحث عن كبار في الساعات المصيرية - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 02:35 صباحاً
2003-03-20
إنها الساعة الخامسة والربع فجراً، الرئيس بوش يعلن بداية الحرب على العراق بعدما أُطلق أول صاروخ على بغداد في الساعة الرابعة والنصف فجراً…
… نعم، إنها بداية الحرب، هذه الحرب التي لن نسميها الحرب العالمية الثالثة او الرابعة، ولكن نتائجها ستكون حتماً على مستوى مضاعفات الحربين العالميتين.
إننا نعيش ساعات تاريخية ومصيرية من الصعب ان نتكهن اليوم بنتائجها، اللهم إلا في موضوع واحد أكيد هو ان مرحلة ما بعد حرب العراق ستختلف كلياً عن مرحلة ما قبل حرب العراق جيوسياسياً على الصعيدين الاقليمي والدولي. هل يعني ذلك أننا نستسلم للتشاؤم واليأس؟ بالتأكيد لا، مع العلم أننا كلنا ضد هذه الحرب وضد كل الحروب، بمقدار ما نحن ضد نظام صدام حسين الذي يتحمل المسؤولية الكبرى لئلا نقول كل المسؤولية عن الحالة التي وصلت اليها بلاده ومعها المنطقة بأسرها.
عدد 2003-03-20.
وليت الكلام المصري عن مسؤولية صدام ومطالبته بالاستقالة قيل خلال اجتماع القمة العربية وربما قبل انعقادها، لدعم الموقف الاماراتي وليتنا رأينا يومئذ تحركاً فعلياً للجامعة العربية نحو اطلاق مبادرة تغيير نظام صدام… ليت.
ولكن وكالعادة لا حياة لمن تنادي في هذا العالم العربي الذي استقال كلياً من ذاته وتنازل عن دوره وعن واجباته وبات الغائب الأكبر ساعة كان العالم “الاجنبي” كله منقسماً بين مؤيد للحل السلمي ومؤيد للعمل العسكري.
على كل حال، فان اللاموقف العربي موقف اعتدناه من زمان. ومن سخرية القدر ان يكون الانقسام والغياب العربيان قد لعبا - ربما - في هذه الازمة دوراً ايجابياً مساعداً لدور دولي معين في اسقاط ما حاول البعض تصويره من ان هذه الحرب هي حرب ضد العرب وحرب صليبية ضد الاسلام، فلو بقيت هذه الصورة لكانت المنطقة وربما العالم قد وقعا في فخ حرب الحضارات وحرب الغرب والشرق والاسلام والمسيحية، فنشكر الله ان هذه الصورة سقطت، وبالاخص بعدما تبين ان البلدان التي كانت دولها بالفعل ضد العمل العسكري هي بلدان كاثوليكية وعلى رأسها دولة الفاتيكان التي لعبت الى جانب الكنائس المسيحية المشرقية دوراً تاريخياً في هذا الميدان.
… حتى كدنا نصف ما يجري بأنه ليس حرباً مسيحية - اسلامية بل هي الحرب المسيحية المسيحية بين الكاثوليك من جهة والبروتستانت والانغليكان (فضلا عن اليهود) من جهة أخرى. اما الاسلام فهو حائر بين مؤيد ومعارض. ماذا بعد خلع صدام حسين؟ لا شك في ان أميركا ستحاول اعتماد سياسة الجزرة والعصا، فتتحرك على خطين متلازمين: خط عسكري على الجبهة العراقية وخط سياسي على جبهة حل القضية الفلسطينية.
لقد أصبحت حرب فلسطين جزءاً لا يتجزأ من حرب العراق - أو العكس - كما ان قضية الشرق الاوسط كله بما فيها التركيبة العراقية الجديدة والترتيب السياسي الاقليمي الجديد، ستكون جزءاً من حرب العراق ومضاعفاتها.
فليس صدفة أن يكون تعيين “أبو مازن” واعطاؤه كرئيس للحكومة الفلسطينية صلاحيات واسعة قد سبقا خطاب بوش الشهير على باب البيت الابيض، ثم قمة حلفاء الحرب في جزر الأزور وصولا الى خطاب بوش الذي أعطى فيه صدام حسين مهلة 48 ساعة.
لقد قررت أميركا محاولة ارضاء العرب أولاً وارضاء من هو ضد العمل العسكري ثانياً بمشروع حل للقضية الفلسطينية بحيث ان “خريطة الطريق” ستمر حتماً على “طريق بغداد”.
وهذه الورقة قد تكون بمثابة الهدية المعطاة الى بعض الانظمة العربية لتعطيها هذه الى شعوبها وإلى كل من يعتبر، وعن حق، ان أساس المشكلة هو عدم حل القضية الفلسطينية حلاً شاملاً وعادلاً فضلاً عن حل مشكلة الجولان.
انطلاقاً من هذا الواقع ومن أمر واقع الحرب علينا جميعاً، ان ننتقل من مرحلة الاعتراض على الحرب والبكاء على الاطلال الى مرحلة تحصين المواقع والمواقف كي يكون لدينا تصور واضح وشامل لما نريده نحن لمستقبل بلداننا في الشرق الاوسط انطلاقا من اقتناعنا بأن التغيير مطلوب وهو يعني التطور والانفتاح، وأسس هذا التغيير يجب أن تُرسى بطرق ووسائل ديموقراطية نابعة من رغبة الشعوب، فقد شبعنا انقلابات وثورات وثورات مضادة.
لذلك لا يجوز، في هذه المرحلة الخطيرة، ان نقع في فخ التفرقة او ان نعطي أي هدية مجانية للعدو الاسرائيلي الذي يهدف أولاً وأخيراً الى تفتيت المنطقة واعادة رسمها على هوى مصالحه.
وهذا يعني اننا في حاجة الى رجال كبار داخلياً في لبنان واقليمياً في كل الشرق الاوسط لوضع استراتيجيا متكاملة تنظّم العلاقات بين الدول وتضع أسساً عصرية لمفهوم شرق اوسطي جديد يجعلنا نتقاسم الحوارات انطلاقاً من مقاييس سياسية واحدة تعتمد أولاً وأخيراً الديموقراطية واحترام الحريات العامة.
واسمحوا لنا ان نقول ان الظرف الحالي يتطلب صراحة ومصارحة كلية والابتعاد عن سياسة تصفية الحسابات والانتقام او الشماتة! وهذا ينطبق ايضا على لبنان بحيث اننا مدعوون أولاً الى الابتعاد عن الحرتقات لنفتح صفحة جديدة من العلاقات الداخلية تعتمد الاعتراف بالجميع مبتعدة عن سياسة الاستيعاب والتذويب، انطلاقا من مفهوم المشاركة والتفاعل والتنسيق.
وهنا نتوجه بكل صدق الى “حزب الله”، أولاً، آملين ان لا يخوض حرب الآخرين على أرضنا كي لا نعطي اسرائيل هدية مجانية لتقصفنا او لتصفي حساباتها على حساب كل لبنان وكل اللبنانيين، مستفيدة من الحرب على العراق.
ونتوجه الى المجموعات الفلسطينية في لبنان لنقول لها اننا، ومع احترامنا ودعمنا الكلي للقضية الفلسطينية، فشعب لبنان قد دفع غالياً وأكثر من اللزوم وعن غيره ثمن الدفاع عن القضية الفلسطينية، بالاضافة الى ثمن أخطاء الفلسطينيين في لبنان.
فمن الافضل ان لا يُستعمل لبنان كالعادة نقطة انطلاق لعمليات ضد العدو الاسرائيلي، ترتد، كالعادة، ضرراً على لبنان وعلى القضية الفلسطينية. أما سوريا فنقول لها بكل صراحة وانطلاقا من حقيقة دورها في الحرب اللبنانية الذي أدى الى ان يعتبر البعض ان وجودها انتقص وينتقص من سيادة لبنان واستقلاله وصولاً الى اعتبار البعض انه احتلال وان هدفها كان الغاء لبنان وضمّه، نقول لها ان ليس في لبنان من يطمح الى ضربها او التآمر عليها، ولكن كل لبناني يطمح ان يعود لبنان وينعم بما تنعم به سوريا من سيادة واستقلال وطمأنينة، وكل لبناني يطمح ان تُفتح صفحة جديدة مع سوريا انطلاقا من الاحترام المتبادل والاعتراف الحقيقي والفعلي المتبادل بين البلدين خدمة لهما معاً.
فسوريا في حاجة الى لبنان معافى قوي يقف بجانبها في السرّاء والضرّاء، ولبنان في حاجة الى سوريا ترتاح اليه ويرتاح اليها كي لا نبقى في دوامة اللاثقة والخوف. أما الدولة فكل ما يمكن ان نقول لها أو أن نطلب منها هو ان تكون دولة مع شعبها وليست دولة ضد شعبها كما كانت حتى اليوم… أما الوسيلة فتعرفها كما نحن نعرفها ولا لزوم لتردادها. إننا نعيش ساعات تاريخية ومصيرية نحن خلالها في أمس الحاجة الى مواقف عليا ورجال على مستوى المرحلة لنكون شركاء ولاعبين أساسيين هذه المرة ولا يأتينا مستر سايكس جديد او موسيو بيكو آخر ليرسم حدودنا ويقرر مصيرنا.





0 تعليق