مهزلة وإفلاس! - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مهزلة وإفلاس! - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 04:05 صباحاً

2002-05-09

 

عندما نتكلم اليوم على الافلاس، لا نعني فقط الافلاس الاقتصادي والاجتماعي المتأتي من سياسة الحكومة والحكم، بل بالاخص الافلاس السياسي على صعيدي الرصيد المعنوي والاداء الحكومي.

 

يا لها حكومة انقاذ وحكومة وحدة وطنية هذه الحكومة التي اصبحت حلبة صراع، بل ساحة تقاصف بين الوزراء لئلا نقول خط تماس حي بين الرئاسات الثلاث.

 

 

الصفحة الأولى من عدد 2002-05-09.

الصفحة الأولى من عدد 2002-05-09.

 

كيف تريد الحكومة ان تكسب ثقة الشعب وأن تدّعي الوفاق والتوافق والحوار والانفتاح عندما نرى حالة اللاثقة السائدة بين اعضائها وحالة اللاحوار واللاوفاق واللاتوافق وحالة التحجر المسيطرة بين الوزراء الذين تحولوا ادوات قصف لئلا نقول اكياس رمل، عنينا متاريس لهذا الرئيس او ذاك؟

 

وعن اية ثقة دولية نتكلم عندما نرى كيف يتم التعاطي مع ملف الخصخصة، وخصوصاً ملف الخليوي حيث فاحت رائحة الفضائح والصفقات بالاضافة الى القصف الكلامي بين الوزراء والتسريبات الرئاسية هنا وهناك.

 

يتعاطون مع الوطن وكأنه مزرعة مفروزة وموزعة بين ثلاثة شركاء يتقاتلون على الحصص. يتعاطى الرؤساء الثلاثة مع الوطن وكأنه ملك خاص لهم، كأنه بقرتهم الحلوب، او غنيمة حرب، كأنه وطن بلا مواطنين… بلا روح ولا حياة! لا يمكن ولا يجوز ان تستمر هذه الحكومة كما هي وعلى هذه الحال.

 

ولا يجوز ان تستمر العلاقة بين الرؤساء الثلاثة كما هي ولا سيما بين الرئيس لحود والرئيس الحريري حيث لا ثقة ولا الفة ولا محبة بكل بساطة وبكل صراحة، بل خوف متبادل وحقد وافخاخ منصوبة من هنا ومن هناك، وكسب للوقت ومحاولات توريط! ناهيك عن التسريبات الاعلامية المفخخة والمسيئة، وكلام الوزير المر الاخير عنها جاء ليؤكد سلبية النهج المتبع في العلاقة.

 

نعم، هكذا بكل بساطة وصراحة، مما يعني اننا في حاجة ماسة الى وضع آلية حقيقية مع هرمية فعلية للدولة وللتعاطي بين اهل الحكم، وحتى لو اقتضى الامر تعديل الطائف الذي برهن (تماما كالاتفاق الثلاثي في السابق) انه يشل الحكم اكثر بكثير مما يؤمّن المشاركة والتوازن. وهنا علينا ان نقول ان ثمة مشكلة اساسية تكمن في ان كل رئيس يريد ان يكون “الرئيس” او الرقم “الصعب” (!؟) في التركيبة تاركا للآخرين ان يكونوا رؤساء واجهة للاستعراضات ! لقد بات من الطبيعي ان نسأل من يحكم لبنان، خصوصا عندما تقرر سوريا ان لا يُحكم من عندها كما هي الحال اليوم في شأن ملف الخصخصة.

 

وهل مسموح ان نقع في فخ الذين يريدون ان يؤكدوا لنا وللعالم اننا قاصرون وغير راشدين واننا في حاجة دائمة الى وصاية؟ أليس من المعيب ان نصبح على هذه الحال المزرية ساعة يقرر الذي كان وصيا ان يرفع وصايته ولو جزئيا؟… خصوصا ان الحقيقة هي اننا، كوطن وكشعب، لسنا قاصرين، بل المسؤولون هم القاصرون وهم المتآمرون والمتواطئون، لأن نهجهم ينطلق من الانانية ومن الدفاع عن المصالح الخاصة لا المصلحة الوطنية.

 

الفوضى تعمّ الدولة لأن الدولة في حاجة الى نفض والى نفضة شاملة! الدولة في حاجة الى اعادة تنظيم بدءاً بنظام داخلي للحكومة. وهنا لا بد من ان نسجل تأييدنا لنائب رئيس الوزراء عصام فارس الذي يطالب، ومنذ مدة طويلة وبالحاح، بنظام داخلي لمجلس الوزراء مع توزيع الصلاحيات لئلا تبقى الحكومة محصورة في شخص واحد تماما كمجلس النواب.

 

مطلوب، عودة الى المؤسسات بدلاً من حصر الدولة كلها في ثلاثة اشخاص هم الرؤساء الثلاثة، مما يشل كليا العمل السياسي المؤسساتي ويتناقض مع مبدأ فصل السلطات ومع روح الديموقراطية.

 

اصبح لبنان بفعل ادائهم مهزلة المجتمعات الدولية، لا مصداقية ولا ثقة، مع ان شعبه لا يستحق هذا العقاب.

 

ان خلاصنا هو بالتغيير وبابدال الروحية السائدة بين اهل الحكم. ولا خلاص الا باعتماد سياسة جديدة في التعاطي، وباقرار خطة اقتصادية واضحة لا نعرف اصلا اذا كانت موجودة، وفي حال كانت موجودة يختلف عليها من يجب ان يكون متفقا - اي الحكومة - فأي خطة اقتصادية اجتماعية غير مدعومة سياسيا بثقة شعبية، محكومة ايا يكن واضعها او بطلها بالفشل الذريع. الخلاص يكون ببناء علاقة جديدة بين الحكم والشعب، بين الدولة والمواطن، ولكن هذا يتطلب وعياً وتواضعاً وحواراً وتحاوراً وانفتاحاً… تماما كما حصل في فرنسا مع انتخابات الرئاسة، وما رافقها حيال المأزق الذي واجهته الدولة، فكانت استقالة جوسبان واعترافه بالهزيمة واحترامه استفتاء الشعب واعتكافه، وكان التصويت الساحق الى جانب شيراك الذي رفض ان يَسكَرَ بالانتصار عارفاً كيف يجيّره لا لنفسه بل للمصلحة الفرنسية العليا وللشعب الفرنسي. لقد فهم شيراك انه والدولة والمؤسسات في حاجة الى بناء علاقة جديدة مع الشعب، الى صيغة تعايش جديدة قوامها الاستماع والاحترام والحوار والمشاركة، وكل هذا مع تطبيق مبدأ فصل السلطات واحترام هرمية الدولة ومؤسساتها. انها رسالة فرنسية، بل درس فرنسي بليغ في السياسة والاخلاق، والحكمة والمسؤولية. فهل من يتقن القراءة ويتعلم الدروس في وطننا؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق