فليحاسب المخطئ نفسَه - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فليحاسب المخطئ نفسَه - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 04:05 صباحاً

2002-08-08

 

من الطبيعي ان ندافع بالمطلق عن اي وسيلة اعلامية تتعرض لأي ضغط كان وخصوصاً عندما يأتي هذا الضغط من الدولة واجهزتها.

 

ومن الطبيعي، بل من واجبنا ان نكون السباقين في الدفاع عن الحريات العامة وعن حرية الاعلام وان نطالب بالحاح بالغاء كل الادوات التي تستعملها دول العالم الثالث لقمع الاعلام وتوجيهه وعلى رأسها “الاجهزة” ووزارة الاعلام!

 

الصفحة الأولى من عدد 2002-08-08.

الصفحة الأولى من عدد 2002-08-08.

 

ففي ذكرى 7 آب كنا نتمنى على وزير الاعلام الذي وقف يومها الى جانب الاعلام وإلى جانب الطلاب في وجه اشرس حملة حكومية ضد الاعلام وضد الحريات العامة، كنا نتمنى علىه ان يكون الى جانب فرسان الحرية يطالب الدولة باصلاح ذاتي، وبتصحيح مسارها الخاطئ بدلا من الشكوى التي تقدّم بها ضد “المؤسسة اللبنانية للارسال”، فقط لأنها نقلت وقائع وشهادات، فقط لأنها قامت بواجبها!

 

… ولكن كالعادة اهل السياسة في وادٍ وبالأخص المسؤولين في الدولة وعشاق الحرية في وادٍ، وكالعادة الحق كل الحق على الاعلام والمؤسسات الاعلامية تماما كما جرت العادة منذ اول ايام الحرب حيث كانت تحمِّل الحكومات مسؤوليات ما يجري للاعلام، وكأن الاعلام والاعلاميين لديهم ميليشيات ومدافع وذخائر وينصبون الحواجز ويقومون بالخطف والقصف والقتل… وكأنهم ابطال المؤامرة بينما نحن نعرف والعالم اجمع يعرف من كانوا وما زالوا ابطال الحرب والمؤامرات على الحريات والمؤسسات الاعلامية الحرة ولبنان ووحدته!…

 

… ففي هذه الذكرى، ذكرى 7 آب، غيّر الوزير العريضي وبسحر ساحر موقفه فوقف الى جانب من كان في التاريخ ذاته السنة الماضية يحاول قمع الحريات والانتقام من المصالحة التاريخية التي كانت تهدف الى تحصين الوحدة الوطنية التي ما زلنا متمسكين بها، لأنها تجسد الهوية اللبنانية، هذه المصالحة التاريخية التي جاءت نتيجة زيارة البطريرك صفير يوم 7 آب الماضي الى الجبل والى الشوف بشكل خاص… يومها وقف الوزير العريضي في وجه حكومته وفي وجه الدولة التي قررت ان تعاقب من حاول ان يعوِّض تقصيرها في ملف تحقيق المصالحة الوطنية من اجل الوحدة الوطنية، فكان ما كان من ضرب وتنكيل وتهديد وملاحقات وصولا الى توقيف الدكتور توفيق الهندي ورفاقه…

 

… يومها وكالعادة نادت الدولة بالمؤامرة ضدها وضد لبنان بينما المؤامرة الحقيقية كانت مؤامرة ضرب الطلاب وضرب الاعلام الحر والاحرار. واليوم وفي هذه الذكرى، ها هي الدولة تعاود محاولة تنفيذ حقدها الناتج من تقصيرها عبر فتح النار مجددا على الاعلام مدعية - كالعادة - بأنه مسؤول عن الخراب والافلاس والفلتان وحالة التفتت والتشرذم التي تصيب مجتمعنا اللبناني اليوم. ألا يعلم الوزير العريضي - وهو يعلم - ان الشعب يعرف ان الحكومة هي المفلسة وهي المسؤولة الاولى جبران تويني - التتمة في الصفحة 15 - عن حالة الخراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي وان الشعب يعرف من يفتت ومن يعرقل ومن يفتعل حالات زعل وحرد ثم وبسحر ساحر ايضا يصالح ويفرض المصافحة وتغيير المواقف …

 

وكل هذا على حساب المواطنين وانطلاقا من حسابات تتخطى السياسة اللبنانية الداخلية الضيقة! الكل يعلمون دقة الموقف الاقليمي ويعلمون ان لبنان، كالعادة، يُستعمل في عملية شد الحبال وفي حرب التجاذبات سلعة اساسية. فاسمحوا لنا ان نقول انه في هذه الذكرى كان من المفترض ان يتقدم الشعب اللبناني بنفسه بشكوى ضد الدولة والحكومة بالذات، لدى المراجع القضائية بتهمة التآمر على الوحدة والتآمر على الوفاق وافقار الشعب والتقصير في الدفاع عن السيادة والاستقلال لا ان تتقدم الحكومة بشكوى ضد الشعب والاعلام!

 

نعم، هكذا بكل صراحة وبساطة، الحكومة هي المسؤولة الاولى وهي من يجب ان يقف في قفص الاتهام لا الاعلام الحر ولا الطلاب ولا الشعب المعذَّب! واذا كنا، كما قال رئيس الجمهورية، ما زلنا كيانات طائفية، فهذا، يا فخامة الرئيس، بسبب تقصير الدولة والحكومات بالذات لأن من مسؤولية الدولة والحكومة، لا الشعب، ادارة شؤون البلاد وخلق اجواء الالفة واللحمة والوفاق وتحصين السيادة والاستقلال بعد استرجاعهما! …

 

ولكن ماذا فعلت الحكومة في ملف استرجاع السيادة والاستقلال؟ وماذا فعلت في ملف الوحدة الوطنية والمصالحة؟ وماذا فعلت في ملف الغاء الغبن والخوف؟ وماذا فعلت في ملف وضع حد للتدخلات السورية في الشؤون الداخلية؟ وماذا فعلت في ملف المخيمات؟ وماذا فعلت في الاقتصاد والوضع الاجتماعي؟

 

الدولة نكّلت بالشعب، ونكّل بعضها ببعض، فعشنا تارة حروبا حكومية داخلية وطورا حروبا من الحكومة ضد الشعب بغية تحوير الانظار عن الخلافات الحكومية والخلافات الرئاسية التي ما زالت مستمرة موسميا رغم المصالحات الموسمية! فكيف تريدون ان تسود البلاد اجواء ثقة وإلفة ومحبة عندما نرى ان الاجواء التي تسود الدولة واهل الحكم بعيدة كل البعد عن الإلفة والثقة والمحبة؟ الشعب فقد ثقته كليا بهذه الحكومة! فمن المسؤول يا ترى، الحاكم ام المحكوم؟ المسؤول ام الشعب؟

 

الجواب بسيط: في الدول الديموقراطية، المسؤول الاول عن اي تقصير هو الحاكم، يعني الحكومة، وهو من يُحاسَب، اما محاسبة الشعب فتبدأ ساعة يُقصّر الشعب في محاسبة المسؤول، عنيت الدولة والحكومة! بمعنى آخر، من الطبيعي ان يتحرك الشعب في معارضة ديموقراطية لينبّه الدولة ويحاسبها، ومن الطبيعي - في الدول الديموقراطية - ان تكون الوسائل الاعلامية الحرة، اولى ادوات المعارضة الشعبية الديموقراطية، ومن الطبيعي في الدول الديموقراطية ان يعتمد الاعلام لغة الحرية والصراحة والمصارحة ناقلا واقعا وناقلا مواقف وناقلا اوضاعا! …

وهذا الاعلام يكون مقصراً ساعة لا يكون الى جانب الشعب والحق والحرية… هكذا تكون الامور في الدول الديموقراطية. ولكن يبدو ان الوزير الاشتراكي - وزير الاعلام - وحكومته نسيا ان المدرسة السوفياتية اقفلت ابوابها من زمان، او تناسيا، لمصلحة سياسية عليا، الله اعلم اذا كانت اعلى من مصلحة الوطن العليا!

 

على كل حال لن نلوم الوزير فنحن نعرف وهو يعرف حقيقة ما يجري في الحكم وفي الحكومة وبين اهل الحكم وبين اعضاء الحكومة وفي لبنان وخارجه وهو يعرف اكثر من غيره - حتى اذا سكت او أُسكت - قواعد لعبتهم السياسية وحدودها… وفي حال قرر ذات يوم ان يتحرر، وما اجمل الحرية، فنحن اول من سيكون الى جانبه دفاعا عن الحريات العامة والوحدة الوطنية المنطلقة من المصالحة الوطنية ودفاعا عن السيادة والاستقلال، بمعنى آخر عن كل الشعارات التي اطلقناها يوم مصالحة الجبل التاريخية والتي نتج منها 7 آب المشؤوم!

 

لن نطيل الحديث، ونختم آملين، ولتصحيح ما حصل منذ سنة ولم يصحح حتى اليوم، ان تطبّق الدولة على نفسها اولاً ما طالب به الرئيس لحود في خطابه يوم عيد الجيش عندما دعا الى المراجعة ومحاسبة الذات! نعم نحن مع مراجعة الذات، ولكن على الدولة، على الحكومة، مراجعة ذاتها ومحاسبتها لأن السلطة هي من اخطأ في حق الشعب يوم 7 آب 2001 وقبله وبعده وما زالت! اما الشعب والاعلام الحر، فهما بريئان والدولة تعرف ذلك والوزير العريضي يعرف ايضا! … هل تبدأ المحاسبة… ومتى؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق