شهد الدولار الأمريكي في عام 2025 تقلبات حادة وعميقة انعكست على قيمته أمام العملات العالمية الرئيسية، نتيجة سياسات نقدية متباينة وحالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي على الصعيد الدولي. ومع اقتراب نهاية العام، يتضح أن مؤشر الدولار (DXY) يقترب من تسجيل أكبر انخفاض سنوي منذ عقود، بنسبة 9.35% حتى منتصف ديسمبر، وسط توقعات متباينة حول مسار أسعار الفائدة الأمريكية في 2026.

تراجع مؤشر الدولار وأسباب الانخفاض

افتتح الدولار تعاملات الأسبوع الجاري، الإثنين 15 ديسمبر، على تراجع طفيف إلى 97.950 نقطة، متأثرًا بحذر المستثمرين قبيل صدور بيانات اقتصادية أمريكية مهمة، ليظل قرب أدنى مستوياته في نحو شهرين، مع خسائر تجاوزت 9% منذ بداية العام. ويأتي هذا التراجع بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة الأسبوع الماضي، وسط توقعات بإمكانية خفض إضافي خلال 2026، ما يعكس الانقسام بين صانعي السياسة حول الخطوة المقبلة.

وأشار محللون من بنك ING إلى أن نمو الوظائف في نوفمبر قد يكون ضعيفًا بنحو 50 ألف وظيفة، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.5%، ما قد يدفع الأسواق لتسريع تسعير خفض الفائدة المقبل. كما يترقب المستثمرون هوية رئيس الاحتياطي الفيدرالي المقبل بعد انتهاء ولاية جيروم باول في مايو، وسط ترشيحات محتملة تشمل كيفن وارش وكيفن هاسيت، ما يزيد من الضبابية على مستقبل الدولار.

تأثير انخفاض الدولار على العملات الأخرى

شهد الجنيه الإسترليني ارتفاعًا طفيفًا مقابل الدولار إلى 1.3380، بينما تراجع الين الياباني إلى 155.16، وبلغ الدولار مقابل اليوان الصيني 7.0499، نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي الصيني وارتفاع محدود لمبيعات التجزئة. كما سجل الدولار الأسترالي والنيوزيلندي انخفاضات طفيفة مقابل العملة الأمريكية، في ظل قوة الدولار عالميًا.

عام استثنائي لمؤشر الدولار

يعد عام 2025 استثنائيًا بالنسبة لمؤشر الدولار، إذ سجل هبوطًا بنحو 10.8% في النصف الأول، وهو أسوأ أداء نصف سنوي منذ عام 1973، حين هبط بنسبة 14.8%، في ظل سياسات التخلص من الأصول الأمريكية كرد فعل على الحرب التجارية وإجراءات السياسة المالية. ومع ذلك، شهد الدولار ارتفاعات محدودة في يوليو وسبتمبر وأكتوبر، نتيجة غياب بيانات اقتصادية حاسمة وتصريحات باول التي لم تحسم أمر خفض الفائدة.

توقعات الخبراء والسياسات النقدية

الخبيرة المصرفية سهر الدماطي توقعت صعود الدولار على المدى القصير نتيجة المخاطر المالية والسياسية في فرنسا واليابان والمملكة المتحدة، لكنها أكدت أن عام 2025 كان عامًا سيئًا إجمالًا للدولار، خاصة بالنصف الأول منه، نتيجة اضطرابات في سوق العملات وتأثره بالسياسات التجارية والمالية الأمريكية. وأضافت أن سياسات الاحتياطي الفيدرالي، بين خفض أسعار الفائدة والحفاظ على الوضع القائم، لعبت الدور الأكبر في تحركات الدولار، ما خلق حالة من الترقب بين المستثمرين.

تأثير الأسواق العالمية وآسيا على الدولار

تراجع اليورو إلى أدنى مستوياته منذ أغسطس عند 1.1540 دولار، فيما سجل الجنيه الإسترليني أدنى مستوياته منذ أبريل، وانخفض الين الياباني إلى أدنى مستوى منذ فبراير، نتيجة غياب مؤشرات على تشديد السياسة النقدية. وفي آسيا، سجلت العملات المحلية ضعف الأداء، إذ تراجع الين بنسبة 4% مقابل الدولار، وهبط الوون الكوري الجنوبي بنسبة 1.7%، متأثرًا بخفض البنوك المركزية لأسعار الفائدة بوتيرة أسرع من الاحتياطي الفيدرالي.

مستقبل الدولار في 2026

تشير توقعات وكالة بلومبرغ إلى استمرار تراجع الدولار حتى بداية 2026، مع احتمال خفض أسعار الفائدة الأمريكية بنسبة 3%، رغم التعقيدات الناتجة عن عوامل نقدية وسياسية متعددة، بينها التوترات المحلية وقرارات البنوك المركزية الأجنبية. ويتجه المستثمرون لمتابعة تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي ورئيس البنك المركزي الأوروبي لتحديد مسار السياسة النقدية وتأثيره على مستقبل الدولار أمام العملات الرئيسية، وعلى رأسها اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك