نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اليمن الذى كان سعيداً ويواجه اليوم خطر من الداخل - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 26 ديسمبر 2025 04:30 مساءً
ما يحدث في اليمن شيء مؤسف، فالدولة صاحبة الحضارة والتاريخ تعانى من أزمات متلاحقة، هي من صنع أبنائها، أيا كانت تصنيفاتهم السياسية أو القبلية والإيدلوجية، فالمشهد يظهر وكأن هناك تكالب على الفوز بجزء من التورتة، دون وضع في الحسبان حق الشعب اليمنى المهدر، خاصة الملايين الذين أجبرتهم الحروب على الهجرة على الخارج والبحث عن ملاذات أمنة لهم ولأطفالهم.
الصورة الأتية لنا من اليمن الذى كان "سعيداً" شديدة القتامة، فنسمع كل يوم عن تهديد ووعيد وتحركات من شخصيات لا يهمها استقرار البلد، بقدر رغبتها في فرض سيطرتها السياسية، واخر هذه التحركات ما يحدث اليوم في المحافظات الشرقية، تحديداً حضرموت والمهرة، التي يريد "المجلس الانتقالي الجنوبى" أن يفرض سيطرته عليهما، لتكون نقطة انطلاق لعودة مشروع تقسيم اليمن من جديد. يمن شمالية وأخرى جنوبية، وكأن اليمن الواحدة والموحدة كابوس يسيطر على عقول هؤلاء، رغم أن الوحدة هي الملاذ الأمن لكن من ينشد الأمن والاستقرار، لكن هناك في اليمن من لا ينشد الاستقرار، بل التشرذم والتقسيم، ومساندة غير مباشرة للحوثين في مشروعهم التخريبى باليمن.
ما قام به "المجلس الانتقالي الجنوبى" فى محافظتى حضرموت والمهرة، بالتأكيد أمر خارج المنطق والمعقولية أيضاً، فهو خلط للأوراق داخل معسكر الشرعية اليمنية، التي تقودها اليوم "مجلس القيادة الرئاسي" برئاسة الدكتور رشاد العليمى، ومعه سبعة أعضاء، من بينهم ثلاثة ينتمون لـلمجلس الانتقالى الجنوبى، وهم عيدروس الزُّبيدي، وعبد الرحمن أبو زرعة المحرمي، وفرج البحسني، وجميعهم فاعلين بقوة في التحرك الأخير، وهو ما يشير إلى رغبة هذا الثلاثى في تعقيد المشهد، وضرب عملية الاستقرار السياسى النسبى القائمة على التوافق الذى أتى بمجلس القيادة الرئاسي في إبريل 2022.
لذلك وجدنا تحركاً عربياً سريعا رافضاً للتحركات الأحادية من جانب المجلس الانتقالي الجنوبى وتهديده لوحدة واستقرار اليمن، أكدت على ذلك السعودية والإمارات ودول عدة، وفي بيان أصدرته اليوم وزارة الخارجية أمدت متابعة مصر "ببالغ الاهتمام التطورات الجارية على الساحة اليمنية، وتعرب عن تقديرها للجهود المبذولة للعمل علي خفض التصعيد ويحول دون تفاقم الوضع الراهن وبما ينعكس ايجابا علي أمن واستقرار المنطقة"، وتؤكد مصر موقفها الثابت الداعم للشرعية في الجمهورية اليمنية، وحرصها الكامل على وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، وتشدد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية وصون مقدرات الشعب اليمني الشقيق، بما يمهد الأرضية اللازمة لاستعادة الاستقرار في اليمن والمنطقة بأسرها ويضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر".
وأشار البيان إلى تعويل مصر على الجهود الإقليمية المبذولة لدعم مسارات التهدئة وخفض التصعيد، بما يسهم في الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، والتقدم نحو تسوية شاملة تحقق تطلعات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار.
وأشار البيان إلى الاتصال الهاتفى بين وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي ونظيره اليمنى الدكتور شياع الزنداني، الذى تناول "الأوضاع الحالية في اليمن والجهود التى تقودها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الشقيقتان من اجل خفض التصعيد وتحقيق الامن والاستقرار في اليمن الشقيق وبما ينعكس علي امن واستقرار المنطقة. وجدد الوزير عبد العاطي ترحيب مصر بالاتفاق المتعلق بتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، باعتباره خطوة تدعم الجهود الجارية لتهيئة مناخ موات لاستئناف مسار التسوية".
هذه المواقف المعلنة من مصر والسعودية والإمارات شديدة القوة، لكن من الواضح وفقاً لتقارير إعلامية يمنية، إن "المجلس الانتقالي الجنوبى" لا يريد فقط انفصال الجنوب في دولة مستقلة، ولكن أيضاً توجيه ضربة قاضية للدولة اليمنية، مستخدماً وزراء ونواب وزراء ووكلاء ومحافظون محسوبون على الجنوب اليمنى لإعلان تأييدهم لما يحدث في حضرموت والمهرة، بما يمثل خروجاً واضحاً على مبدأ الشراكة، وكذلك المرجعيات الدستورية والقانونية المنظمة للمرحلة الانتقالية، التي تدار من جانب "مجلس القيادة الرئاسي"، باعتباره القيادة السياسية الشرعية، المعترف بها وطنياً وإقليمياً ودولياً، وباعتبارها أيضاً الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة.
ويبدو أن ما يحدث في الجنوب يلقى قبولا واستحساناً من الحوثيين، لأنه يحقق جزء من أهدافهم وهو تفتيت الشرعية اليمنية، وهو ما يتكفل به 3 من أعضاء هذه الشرعية، وهنا تظهر الحقيقة، أن هناك خطأ ما في التركيبة السياسية اليمنية، فهناك من لا يعجبه أن تبقى اليمن موحدة تحت سلطة شرعية، فكانت النتيجة عراقيل يتم وضعها في مسيرة الإصلاح، وصلت إلى حد التناقض داخل المجلس القيادى، وهذا بطبيعة الحال ناتج عن التشكيلة الرئيسية له، كونه جمع في إطاره قوى سياسية وعسكرية متباينة الرؤى والمشاريع، بدءا من المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي لاستعادة دولة الجنوب، مرورا بالقوى المتمسكة بالشرعية التقليدية، وانتهاء بقيادات تسعى لترسيخ نفوذها في معادلة ما بعد الحرب، وهذا الخليط غير المتجانس انعكس سلبا على أداء المجلس، رغم محاولات متكررة لتجاوز هذه الخلافات والتركيز على قضية الوطن الذى يعانى، لكن هناك من لا يعجبه ذلك، فيعمل على تفجير الوضع من الداخل.
هذا الوضع وهذا المشهد، لا يخفى على أحد، حتى شركاء العملية السياسية في اليمن، من الأطراف الدولية والإقليمية يدركون أن استمرار الوضع على ما هو عليه أمر شديد الخطورة، لذلك فإن العين الحمراء الدولية بدأت تظهر لأطراف تعبث في أمن واستقرار اليمن، وربما نسمع خلال أيام عن عقوبات دولية تطال مقربين من قياديين في المجلس القيادة الرئاسي اليمنى، يتم استخدامهم من خلف الستار لتنفيذ أهداف خفية للقياديان، كما تتوارد اخبار وانباء عن اتجاه دولى لتوقيع عقوبات على أطراف فاعلة في التصرفات الأحادية الضارة بأستقرار اليمن، ومنهم شركة القطيبى للصرافة، التي يطلق عليها الجناح المالى لعضو مجلس القيادة الرئاسي، وقائد ألوية العمالقة الجنوبية، العميد عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي.
هذه العقوبات والتحركات الدولية شديدة الأهمية، لأنها تبعث برسالة قوية لكل من يفكر في العبث بالامن القومى العربى، من خلال زعزعة استقرار الدول العربية، والعمل على تقسيمها وتفتيها، كما حدث في السودان، حينما أصدرت دول كبرى بينها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا عقوبات مالية كبرى على ميليشيا الدعم السريع، لدورها التخريبى في السودان.








0 تعليق