قبل القمّة أم بعدها!؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قبل القمّة أم بعدها!؟ - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 03:15 صباحاً

2002-02-07

 

نيويورك - … صحيح أن العالم على مفترق خطير ومصيريّ، صحيح أن النظام العالمي الجديد يتطلب تصويبات، صحيح أن العالم بعد 11 ايلول لم يعد ولا يمكن ان يعود كما كان قبل 11 ايلول.

هذا، بكل بساطة، ما يمكن ان نستنتجه من اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد في نيويورك بدلاً من دافوس، والذي كان ربما الأهم، منذ زمن طويل من ناحية المكان والزمان و”الكلام”! العالم اليوم متفجّر، منقسم بعضه على بعض، ضائع في هوية صراعاته، يفتش عن نفسه حتى قال أحدهم خلال الاجتماعات: شكراً لبن لادن، فلقد هزّ العالم والضمير العالمي نتيجة عمله الاجرامي المجنون، خضّ العالم وجعله يواجه كل المشاكل التي بقيت حلولها مؤجلة حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه من انعدام حوار وفقدان تفاهم وغربة بين شعوب العالم.

 

ان زلزال 11 ايلول جعل العالم يهرع الى محاولة اطلاق ورشة حوار من اجل ترتيب البيت العالمي الذي بات وضعه يهدد سلام الارض.

   قال بعضهم إننا نعيش صراع حضارات، والبعض الآخر إننا نعيش صراعاً بين الاسلام والمسيحية، وآخرون ان العالم عاد منقسماً غرباً وشرقاً بعدما كان منقسماً شمالاً غنياً وجنوباً فقيراً.

 

وقيل أيضاً ان المشكلة لا علاقة لها بصراع الاديان او الحضارات وانما هي مشكلة سياسية تبدأ حيث فشلت الانظمة في تأمين بناء مجتمعات مدنية ديموقراطية صالحة، خصوصاً في العالم العربي وما يسمى العالم الثالث.

 

وثمة من ألقى مسؤولية هذا الفشل على من كان أول من دفع ثمن 11 ايلول، اي الولايات المتحدة التي دعمت هذه الانظمة التوتاليتارية على حساب الشعوب وحقوقها وامانيها وحرياتها. فحصل ما حصل من تصعيد ونمو لكل الحركات الاصولية والرجعية التي تنشط اليوم ضد النظام العالمي الجديد وضد الغرب والولايات المتحدة بالذات مستعملة الدين لامرار مشاريعها الانغلاقية.

 

ان حالة العالم اليوم متفجرة، وعلى مفترق خطير ومصيري، ولا يمكن ان يكون الحل الا سياسياً يبدأ بتطوير الانظمة وبوضع خطة تربوية وثقافية متطورة منفتحة، هدفها تأمين حوار الحضارات والاديان، مع العلم انه، وبحسب الكثير من المجتمعين، قد نكون بحاجة اولاً الى تربية واعادة تأهيل حكام العالم او تحضير طبقة جديدة من الحكام.

 

 

 

الصفحة الأولى من عدد 2002-02-07.

الصفحة الأولى من عدد 2002-02-07.

 

ان العالم محتاج الى حوار جدي وعميق لتصحيح الخلل ولكنه بحاجة اوّلاً، كما قال الكاردينال توتو، الى المحبة والايمان، فلا مكان، كما قال، للطغاة حيث ينتصر الحق. ولكن يبقى علينا ان نتخذ القرار بالجلوس معاً الى طاولة واحدة - كما حصل خلال اجتماع نيويورك - وان ينطلق بيننا حوار جدي اساسه الاعتراف بالآخر والتفاعل معه.

 

   أما على المستوى الاقتصادي، فالعالم يدفع اليوم ثمن ما يحصل على الصعيد السياسي، فنرى الاقتصاد العالمي يهتز ويكاد ينهار، نرى مؤسسات تعلن افلاسها، ومؤسسات لا تجد الحل الا في الدمج، نرى اقتصاد دول ينهار وتنهار معه الدول… نرى محاولات قيام ائتلافات اقتصادية تحاول الصمود في وجه العواصف، نرى حالة ذعر وبحث جدي وعميق عن سبل لايجاد طرق جديدة في ادارة الشركات والمؤسسات في هذا الزمن الرديء.

 

العالم بحاجة الى وضع نظم وقوانين جديدة تعتمد قواسم مشتركة ومقاييس واحدة بدءاً بالقطاعين المالي والمصرفي.    اما على مستوى الامن فمطلوب تعاون دولي جدي بين الدول، مبني على تبادل المعلومات الامنية والمخابراتية.

 

مطلوب الغاء الحدود الامنية وتوحيد سبل الامن الوقائي وتطبيقها على كل دول العالم.

   ولا يخفى ان قضية الشرق الاوسط كانت الملف الاساسي والساخن خلال لقاء نيويورك حيث حاول زعماء العرب تغيير الصورة المشوهة التي رسمت بعد 11 ايلول والتي وضعت العالم العربي في خانة المتهم، واعطاء صورة مختلفة لواقع العالم العربي المتعدد الحضارة وحاضن الديانات الثلاث والذي ما زال يدفع هو والعالم ثمن عدم ايجاد الحل العادل والشامل لقضية الشرق الاوسط بدءاً بحل القضية الفلسطينية.

 

وهنا لا بدّ من القول ان وجود لبنان ممثلاً بنائب رئيس الحكومة عصام فارس خلال مؤتمر نيويورك كان له وقع ايجابي، وخصوصاً انها المرة الاولى التي يشترك فيها لبنان رسمياً في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي. فلبنان هو ايضاً بين الدول التي تعاني حالياً الضغط الدولي نتيجة زلزال 11 ايلول.

 

ووجود فارس سمح لوطننا بأن يوضح صورته ويدافع عن قضيته ويطالب بحقوقه. دار الكلام حول الفرص التي أضاعها ياسر عرفات في كمب ديفيد، وقالت معلومات مؤكدة ان الاتفاق يومها كان شبه نهائي حتى حول القدس، وان رفض عرفات نسف امكان الحل، مع العلم ان الطرف الفلسطيني اوضح خلال الاجتماعات ان عرفات كان قد خضع لضغط بعض الدول العربية الحليفة لأميركا والتي تمنت عليه ان لا يوقّع الاتفاق.

 

وهنا سمعنا كلاماً مهماً ودقيقاً من الرئيس كلينتون الذي حمّل هو ايضاً عرفات مسؤولية الفشل، وأوضح ان حتى قضية اللاجئين الفلسطينيين كانت قد حلت بنسبة 95 % بالاتفاق مع الدول التي تستضيف على اراضيها لاجئين وبعض الدول في الغرب والعالم العربي التي كانت قد وافقت على استقبال اللاجئين مقابل تمويل معين، بالاضافة الى لاجئي ال 48 الذين يحق لهم في العودة الى اسرائيل، ولمن يرغب في العودة الى الدولة الفلسطينية اذا وافقت.

 

واعتبر بعضهم خلال المحادثات أننا عدنا الى نقطة الصفر وان امكانات الحل السلمي السريع اصبحت شبه معدومة، وان خطر الانفجار في مكان او اكثر هو خطر داهم… وقد دخلت الحوارات في عمق العلاقات السعودية - الاميركية المتوترة وفي الوضع السياسي للأردن والوضع السياسي والاقتصادي في مصر وفي التباس الدور السوري بعد غياب الرئيس حافظ الاسد وقدرة النظام الجديد على التعاون مع اميركا وعلى أي أسس. كما دار حوار حول الوضع في العراق ومدى جدية اميركا في اصرارها على التخلص من نظام صدام حسين، وربما من خلال تحركات في الداخل مع المعارضة العراقية.

 

وجرى بالطبع عرض للوضع الايراني وتعثر التوصل الى قواسم مشتركة في مفهوم الحرب على الارهاب مع طهران ومع ضرورة تغيير ذهنية النظام الايراني. دون ان ننسى قضية لبنان وجنوبه ودور “حزب الله” وعلاقاته بايران وسوريا والدور الذي يقوم به اقليمياً وخصوصاً بالنسبة الى دعم الانتفاضة ومنظمات الرفض الفلسطينية. وكان الموقف العربي واضحاً في تحميل آرييل شارون المسؤولية عما حصل ورفضه الدخول جدياً في حوار من اجل البحث في حل عادل وشامل، بالاضافة الى الموقف العربي القائل ان تعثر مفاوضات السلام وعدم وقوف اميركا الى جانب العرب جعلا التيارات الاصولية تكسب زعامة في الشارع العربي على حساب من كانوا يعتبرون حمائم السلام داخل الانظمة العربية.

 

ان سيناريوهات مستقبل الشرق الاوسط كانت متعددة، من البقاء على الستاتيكو، مروراً بامكان سقوط شارون بعد دخوله في دوامة الدم والموت، وصولاً الى من يعتبر ان المنطقة كلها على فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة، مع ما يعني ذلك من سقوط انظمة وتفتيت المنطقة واعادة توزيع الاوراق بدءاً بورقة القضية الفلسطينية. سمعنا البعض يتكلم عن سايكس - بيكو جديدة، كما اننا سمعنا العكس حيث اعتبر البعض الآخر ان اميركا لا يمكن ان تتحمل انفجاراً واسعاً في الشرق الاوسط مع ما يعني ذلك من تغيير للتحالفات الاوروبية والعربية.

 

   كلام ونظريات وتوقعات وحوارات دارت خلال المنتدى في نيويورك، اما الثابت الوحيد فهو ان اميركا تعتبر نفسها فعلاً في حالة حرب مع الارهاب ومع من تعتبرهم منظمات ارهابية ومع الانظمة التي تعتبرها حاضنة للارهاب. ولا يجوز ان نستخف بما يحصل وان لا نضع خطة عربية موحدة لمواجهة الاخطار.

 

مع العلم ان نجاح اي خطة عربية موحدة موقوف على ان يكون لكل دولة عربية تصوّر وموقف صارم وواضح في الداخل قبل الخارج. وهذا ما ينقصنا جميعاً بما فيه لبنان كي لا نقول بدءاً من لبنان.

 

لذلك فان رص الصفوف في الداخل، وتصحيح الخلل على مستوى رصيد الحكم، وتأجيل اي ملف قد يؤدي الى فتن داخلية، هي المطلوب اولاً واخيراً. فضلاً عن ان انعقاد القمة العربية في بيروت أمر حيوي للبنان ولمستقبل العالم العربي معاً. يبقى السؤال: هل يحصل الانفجار قبل مؤتمر القمة؟ واين يبدأ؟ وكيف؟ ام بعد القمة وبعد فشلها اذا فشل العرب في الخروج بموقف واضح وموحد على مستوى ما تنتظره منهم شعوبهم؟ ام تبقى الاوضاع مضبوطة حتى انعقاد القمة وتنعقد القمة وتخرج باستراتيجيا موحدة وخطة عمل واضحة واقعية وواحدة يقترحها العرب على اميركا والغرب من اجل تنفيذ حل عادل وشامل للمشكلة الفلسطينية ولقضية الشرق الاوسط؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق