نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من الطاقة إلى تشكيل الحكومة: العراق يوازن علاقاته بين أميركا وإيران - وضوح نيوز, اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025 06:35 صباحاً
شهد قطاع الطاقة في العراق خلال الأشهر الأخيرة، تعاطياً غير مسبوق مع الحضور الأميركي في ملف الغاز والنفط، ما يعكس توجّهاً واضحاً نحو إعادة توازن جيوسياسي، عبر تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على إيران في المرحلة المقبلة.
وفي نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وقّعت وزارة الكهرباء عقداً مع شركة "إكسيليريت إنرجي" الأميركية لإنشاء منصة عائمة للغاز الطبيعي المسال بطاقة تصل إلى 15 مليون متر مكعب يومياً، لتزويد محطات الكهرباء بالغاز لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد. وبحسب بيان الحكومة، فإن المشروع سينفَّذ "بوقت قياسي وتكلفة أقل من المنصات الثابتة"، وهو ما اعتبرته بغداد "حلاً سريعاً ومرناً" لمعالجة فجوة الغاز.
وتُمثّل هذه الخطوة تحوّلاً مهماً في سياسة الطاقة، وخصوصاً أن العراق يستورد يومياً ما بين 20 و50 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني، الذي يغذّي نحو ثلث إنتاج الكهرباء في البلاد. وسبق أن أدّت التقلبات في الإمدادات الإيرانية إلى انخفاض يصل إلى 5 آلاف ميغاواط في بعض المواسم، ما تسبّب بأزمات حادّة في التجهيز.
ووصفت السفارة الأميركية في بغداد توقيع الاتفاق مع "إكسيليريت" بأنه "خطوة تاريخية نحو استقلال العراق في مجال الطاقة عن إيران".
وبعد أن حقق العراق الاكتفاء من إنتاج البنزين العالي الأوكتان، يأمل في أن يحقق اكتفاءً مماثلاً من الغاز في عام 2028.
وبالتوازي مع المنصة الجديدة، يجري العمل على إنشاء منصة عائمة أخرى في ميناء خور الزبير بالبصرة، مرتبطة بأنبوب بطول 45 كيلومتراً لنقل الغاز مباشرة إلى محطات الكهرباء، فيما تعمل وزارة النفط على رفع نسب استثمار الغاز المصاحب إلى 70% نهاية عام 2025، وصولاً إلى 100% بحلول عام 2028، في محاولة لوقف حرق أكثر من 1.5 مليار قدم مكعب يومياً.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو لجنة النفط والغاز النيابية صباح صبحي أن الإدارة الأميركية الحالية تعطي الأولوية للتعاون الاقتصادي مع العراق، معتبراً أن المشاريع الأميركية الجديدة، خصوصاً في مجال الغاز، تفتح مساراً حقيقياً لتقليل اعتماد العراق على الغاز الإيراني، وتمنحه استقلالية تدريجية في ملف الطاقة".
ويشير صبحي، في تصريح لـ"النهار"، إلى أن التأثير الأميركي على المشهد السياسي العراقي، خصوصاً في ملف التعيينات الوزارية، قد يكون أوضح في الحكومة المقبلة.
العراق منفتح على الشراكة مع الشركات الأجنبية. (رويترز)
بدورها، تؤكد عضو اللجنة ذاتها انتصار الجزائري أن العراق منفتح على الشراكة مع الشركات الأجنبية، بما فيها الأميركية، شرط ألا تمسّ هذه الشراكات بسيادة البلاد أو تتحول إلى أدوات ضغط سياسي.
وتشدّد الجزائري، في تصريح لـ"النهار"، على أن ربط دخول الشركات الأميركية بمحاولة إضعاف النفوذ الإيراني "قراءة غير دقيقة"، لأن بغداد "تعرف كيف تدير توازن علاقاتها مع جميع الأطراف".
وفي موازاة هذا الحراك الاقتصادي، تتكثّف اللقاءات السياسية بين المسؤولين العراقيين والأميركيين. فقد استقبل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي القائمَ بالأعمال الأميركي جوشوا هاريس، وشدّد على أهمية دعم نشاط الشركات الأميركية في العراق، وعلى ضرورة تشكيل حكومة قوية بعد الانتخابات المقبلة. وأكد هاريس، من جهته، حرص بلاده على علاقات متوازنة مع مختلف القوى السياسية.
ولا يقتصر الحضور الأميركي على الجانب الغازي، إذ تجري وزارة النفط مفاوضات مع شركة "شيفرون" لتسلم تشغيل حقل غرب القرنة-2 بدلاً من شركة "لوك أويل" الروسية، التي أعلنت حالة القوة القاهرة بعد العقوبات الغربية المفروضة عليها. كذلك أبدت شركة "إكسون موبيل" اهتماماً بشراء الحصة الغالبية في الحقل ذاته، ما يعزّز اتجاه بغداد نحو استبدال الشركات الروسية بأخرى أميركية في أحد أكبر الحقول العراقية.
ويُعدّ حقل غرب القرنة-2 من الحقول العملاقة المكتشفة منذ عام 1973، ويشكّل ركيزة أساسية في زيادة إنتاج العراق النفطي. وتحاول بغداد ضمان استمرار تطويره بعيداً من الضغوط الجيوسياسية التي فرضتها العقوبات على روسيا.
وبحسب خبراء ومراقبين، فإن النشاط الأميركي المتصاعد في قطاع الطاقة العراقي يعكس توجّهاً استراتيجياً جديداً، هدفه دعم استقلال العراق في مجال الطاقة، وتخفيف الضغوط المتبادلة بين واشنطن وطهران على بغداد، إضافة إلى تهيئة بيئة اقتصادية وسياسية أكثر استقراراً قبيل تشكيل الحكومة المقبلة.






0 تعليق