نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ريهام المهدي تكتب: برلمان على حافة الهاوية - وضوح نيوز, اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025 06:30 صباحاً
ونحن على مشارف إنتهاء مارثون مشهد انتخابي معقد تعارضت فيه اعتبارات الاستقرار السياسي مع مطالبات التمثيل الشعبي، كان أبرز ملامحه فوز قائمة بالتزكية وتمثيل انتخابي ممن اطلق عليهم أهل المال السياسي، حتى تدخل السيد رئيس الجمهورية بموقف سياسي غير ملامح المشهد كاملاً، فيتكشف لنا أننا لسنا أمام جدل قانوني عابر، بل لحظة اختبار حقيقي لسلامة البناء الدستوري للعملية السياسية بمصر، مشهدٌ طاله العديد من الثغرات وبات مهددا بأصوات تطالب تدخل ثاني من الرئيس بإعادة الانتخابات.
الأمر الذي دفع الغالبية من المحللين والسياسيين لطرح تساؤلات مشروعة، تعكس في جوهرها حالة ضعف التنافس الحقيقي بين المرشحين، هل بالفعل مجلس النواب القادم في حال الابقاء عليه من المحكمة الدستورية قادر على القيام بدوره التشريعي و الرقابي بصورة تجسد تطلعات الشارع فعلياً؟ وهل المجلس القادم حقاً لديه الثقة من المواطن ويملك الخبرة والادوات اللازمة لتحويل مطالبه إلى سياسات وقوانين مخاطبه له وتصب في مصلحته؟
صحيح ان الهيئة الوطنية للانتخابات التزمت بالإجراء الدستوري المنظم لتلك العملية بداية من فتح باب الترشيح إلى الاشراف القضائي وصولاً إلى إعلان النتائج بشكل رسمي، إلا ان سوء إخراج هذه المنظومة في بعض الدوائر عكست خللاً واضحاً وفجوه واسعه بين الارادة الشعبية الحقيقية وبين ما تم رصده واعلانه من نتائج أصوات لاحقه.
هذا السياق كان دافعاً لتدخل رئيس الجمهورية برسالة حاسمة، لم تحمل حينها نية تدخل في تعديل نتائج، ولا لتوجية ارادة ناخب، بل لتتويج إرادة شعب و قيادة سياسية حملت في ثناياها عدة دلالات، وهى أن النزاهة والشرعية الحقيقية لا تستمد من أصوات مجردة لصندوق، وأن الدولة تراقب عن كثب كل ما يدور بالساحة، ولن تسمح او تتهاون بوجود أخطاء ستدفع لاحقاً بتداعيات ازمات غير محتملة ستحاسب عليه منظومة المؤسسة التشريعية كاملة.
تهديد الرئيس بقراره الأول، بإلغاء الانتخابات وما صاحبة من تغيرات في خريطة الأصوات، وإن بدا للوهلة الأولى قاسياً، إلا انه كان وجوبياً، لغلق باب كان سيفضي بنا إلى خلق برلمان معيوب ومنقوص الشرعية بالإجماع، وإن زادت من خطورة تلك اللحظة تحمل الرئيس وحده عبء انقاذ المؤسسة التشريعية، في لحظة كان من المنتظر منها او المفترض فيها أن يتحملها بالأولوية الأحزاب والقوى السياسية الموجودة بالساحة، وبرغم ذلك رحب المواطن بالتدخل الرئاسي ورأه مبرراً شرعياً مخاطباً لحاله، وإن ظل في جوهره حلاً استثنائياً لإصلاح خلل استثنائي غير متوقع.
وهنا تكشفت الحقيقة المؤلمة، وهى أن أخطر ما يواجهه المجلس القادم ليس غضب الشارع فحسب، بل فقدانه للثقة والقيمة الحقيقية من وجوده، خاصة وأننا بصدد " قائمة وطنية وحيدة" حامت حولها العديد من الشبهات وعلامات الإستفهام، بجانب مرشحين رجال أعمال فردين كانوا سببا لإطلاق وصف "مرشحي المال السياسي".
ومن هذا المنطلق فإننا ننضمُ إلى باقي المحللين السياسيين بوجب النظر إلى نسبة تعينات الرئيس البرلمانية _في حال استمرار هذا المجلس_ كأنها " طوق نجاة" أو أخر كارت ذهبي متبقى لأعادة ضبط ميزان الاداء النيابي داخل مجلس نواب 2025، خاصة وأن فرصة ادخال كفاءات نوعية منتقاه بالتعيين الرئاسي من خبراء ( تشريع واقتصاد وأمن قومي واعلام ومجتمع مدني) هي أخر فرصة انقاذ قادرة على سد فراغ الذي افرزته الاحزاب بسبب قائمة تزكية و مرشحي مال سياسي، ولكن التأكيد على أن الرهان الحقيقي سيبقى معلقاً حتى في هذه الحالة، على طبيعة الاسماء المختارة.
هل ستكون ذات ثقل فكري؟
أم سيتم هدر أخر فرصة بتعينات بروتوكولية لا تضيف للمشهد أي جديد ؟
القرار يعودُ للرئيس ونحن على ثقة في رؤيته و قدرته على الانتقاء.
ولكن، علينا أن نعلم جيداً ان التاريخ النيابي المصري لا يرحم، ولن يتذكر برلمان عاش على التصحيح من أعلى وفشل في انتاج شرعيته من اسفل. فالانتخابات البرلمانية بأي أمةٍ ديمقراطية ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لبناء حياة نيابية نزيهة تستند عليها دولة قوية، وعليه إن فسدت الوسيلة سقطت الغاية كاملةً مهما بدا المشهد للجميع _في ظاهره الخارجي_ ديمقراطياً.










0 تعليق