نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البيانات... المورد الأهم في الاقتصاد الرقمي وسوق تحليل المعلومات يتجه إلى 402 ملياري دولار بحلول 2032 - وضوح نيوز, اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 01:05 صباحاً
سمر ضو*
في عصرنا الرقمي الحالي، أصبحت كل نقرة على زر، وكل بحث، وكل تفاعل على الإنترنت مصدراً مهماً للمعلومات. نشاطنا على مواقع التواصل الاجتماعي، الفيديوات التي نشاهدها على يوتيوب، المشتريات عبر الإنترنت، وحتى استخدام الأجهزة الذكية، كلها تتحول إلى بيانات قيّمة.
ولكي نفهم مدى أهمية هذه البيانات، يمكن النظر إلى طرق استفادة الشركات منها في حياتنا اليومية. فهي تستفيد منها لفهم سلوك المستخدمين بشكل أعمق، وتقديم محتوى وخدمات مخصصة تتوافق مع اهتماماتهم. فمثلاً، قد يقترح تطبيق مشاهدة فيديوات عن اللياقة البدنية، عروضاً لمكملات غذائية أو حصص تدريبية، بما يجعل بيانات المستخدم جزءاً من محرك نمو وإيرادات الشركات.
ولا تكتفي الشركات بجمع البيانات، بل تقوم بتحليلها بطرق دقيقة لتحويلها إلى رؤى استراتيجية. حيث يتم تصنيف المستخدمين حسب العمر والجنس والموقع الجغرافي، وتحليل اهتماماتهم، وسلوكياتهم الشرائية، والترفيهية. هذه العملية تساعد الشركات على التنبؤ بما قد يهم المستخدم في المستقبل وتحسين تجربة الاستخدام بشكل دائم.

نتيجة لهذه التحليلات، يمكن للشركات تحويل البيانات إلى مصادر أرباح مباشرة عبر استراتيجيات متنوعة. فمثلًا، تجمع شركة ميتا بيانات التفاعل والمشاركة لتقديم إعلانات موجهة بدقة للشركات، ما يجعل الحملات الإعلانية أكثر فعالية.
مع كل هذه الفوائد، تبرز أهمية التعامل المسؤول مع البيانات، لضمان حماية خصوصية المستخدمين. لذا، من الضروري أن تتبع الشركات سياسات واضحة لحمايتها، وأن توفر للمستخدمين تحكماً أكبر في كيفية جمع بياناتهم واستخدامها، بما يضمن التوازن بين الاستفادة التجارية وحقوق الأفراد.
وتستفيد الشركات من هذه البيانات لتخصيص الخدمات والمنتجات لكل مستخدم، وتحسين حملاتها التسويقية والإعلانية من خلال الاستهداف الدقيق، ما يزيد من رضا العملاء ويعزز ولاءهم. كما تُمكّن هذه البيانات الشركات من التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية وتحسين الأداء واتخاذ قرارات استراتيجية أكثر فعالية. مثلا :Amazon تستخدم بيانات الشراء السابقة للتنبؤ بالمنتجات التي قد يرغب العملاء في شرائها، وتخزينها مسبقاً في المخازن لضمان سرعة التوصيل.
ويشهد العالم اليوم تحولاً رقمياً كبيراً يؤثر مباشرة على الاقتصاد. ويساهم الاقتصاد الرقمي بأكثر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقاً لتقديرات البنك الدولي، حيث من المتوقع أن يصل حجم هذا الاقتصاد إلى 23 تريليون دولار بحلول عام 2025، أي ما يزيد على 24% من حجم الاقتصاد العالمي.
توازياً مع ذلك، ينمو سوق تحليل البيانات بسرعة هائلة، فقد بلغت قيمته 64.99 مليار دولار أمريكي في 2024، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 82.23 مليار دولار في 2025، ثم يصل إلى 402.70 ملياري دولار بحلول 2032، بمعدل نمو سنوي مركب 25.5%.
وأصبحت البيانات اليوم تشكل العمود الفقري للاقتصاد الرقمي. ويمكن تعريفها أنها إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات اعتماداً على المعلومات، حيث تستفيد الشركات من البيانات لتطوير منتجات جديدة وتحسين سلاسل التوريد وتعزيز تجربة العملاء، بينما تستخدمها الحكومات لاتخاذ قرارات أفضل وتقديم خدمات عامة أكثر فعالية.
وقد بدأت هذه الظاهرة منذ أواخر التسعينيات مع انتشار الإنترنت والحواسيب الشخصية، وتوسعت لاحقاً مع ظهور الهواتف الذكية والأجهزة الذكية الأخرى، ما أدى إلى تجميع كميات ضخمة من البيانات ونمو مستمر لاقتصاديات البيانات على مستوى العالم.
ويلعب اقتصاد المعلومات دوراً كبيراً في دعم الابتكار وتحسين الكفاءة وخلق فرص العمل. من خلال تحليل البيانات المتوفرة من مصادر مختلفة، لابتكار أساليب جديدة لتحسين المنتجات والخدمات وتخصيصها وفق احتياجات العملاء. مثلا Netflix تحلل بيانات المشاهدة لتحديد البرامج والمسلسلات الأكثر شعبية، وتستثمر في إنتاج محتوى مشابه لتلبية أذواق الجمهور. أما Spotify فتقترح قوائم موسيقية مخصصة لكل مستخدم اعتماداً على سجل الاستماع.
وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة هائلة في حجم البيانات عالمياً، حيث قُدرت بنحو 123 زيتابايت في 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 182 زيتابايت في 2025.
وتبقى مجموعة من التساؤلات مطروحة في نهاية هذا المشهد العالمي المتغيّر: كيف يمكن للدول النامية أن تستفيد من اقتصاد البيانات دون أن تتحول إلى مجرد مصدر خام تستغله الشركات الكبرى؟ وما هي الآليات الكفيلة بتحقيق توازن بين حماية الخصوصية وتمكين الابتكار؟ وإلى أي حد يمكن أن يستمر نمو اقتصاد البيانات من دون تشريعات وتنظيمات عالمية مشتركة تحكم ملكيتها واستخدامها؟
*ماجستير إدارة المعلومات
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.









0 تعليق